السبت، 20 سبتمبر 2014

فصل من سيمفونية الاستحضار ...



تستفيق مجددا ، تدرك انها المرة الثالثة تستيقظ فزعة ، الملح المر يعذب وجنتيها بهدوء ، صراع الاباطرة انتقل للعالم الخارجي .
تستحضر منير ، لترتمي على كتفه العارية ، لتداعب تفاحة أدم التي تميزه ، سارحة في السقف ، ويضيع منير في ملامحها ، وحركة دموعها المنسابة ، شفتاها الغضتان تتحركان بهدوء طفلة متألمة ، يضيع بين ثناياها ......
تغلق الهاتف وترميه أمامها ، منير لا يجيب ، نهضت من ضريحها ، متوجهة حيث النور الخافت يضئ تلك البقعة المقدسة في المنزل ، غارقا بانسياب في تلك الاريكة القديمة ، برفقته صديقته الفاخرة ، لا يستغني عن زجاجته .
تأملها تقف في الباب ، ممتلئة القد ، عارية الفخذين ، حافية كطفلة شريدة ، شعرها الاحمر المتمرد اشعت ببلاهة ، تستدعيه بوقاحة ملاك أن يرتمي امام قدميها الحافيتين، يخاطبها بهدوء مزعج :
-تعالي صغيرتي.
يدلها على مكان الجلوس ، جلست في حضنه ، ويده اليمني تسند ظهرها مداعبة لرقبتها ، ملامحه السمراء المتعجرفة منفرجة عن نصر صغير .
-القي براسك على كتفي .
-لا ارغب جابر .
يتحسس فخذيها بيديه الخشنتين ( لماذا ؟ صوتك يعلن عن شتاء حزين ، أنا سعيد يا طفلتي ، سعيد بمجيئك لتؤنسي وحدتي بصحبة الويسكي .
-الجميع هجرني جابر ، لا ارغب مجابهة الحرب الكامنة في عقلي لوحدي .
- اسكتي ، و ارتمي في حضني ، انسابي كطفلة مطيعة ، انا لن اتركك ، انا الوحيد القادر على امتاعك ، هجرتيني لكن اسامح دائما ، عنادك ، وسخطك يهصرني رغبة .
-لا اريد جابر ، يكفي ، انت من خذلني سابقاً.
- صغيرتي انت من خذلني ، كنت فرسي الجامح الذي راهنت عليه ، مجرد رهان خاسر، خذلتني .
تنتفض باكية ، مخضعة رأسها المخضب بأخبار الموت وعبدته ، منحنية باستسلام على كتفه الهزيل .
- خدلت ذاتي ، خسرت في حربهم ، اخضعوني ، وانا لم اعد استطيع المقاتلة أكثر ، اخرهم تلك المقاتلة العجوز .
- فاطمة عندما كانت في عمرك، تقيم الدنيا ، الكل تحت عوالمها خاضع ، ( يتأملها بحنو قاسٍ )
-ملاك نقي ، انا يا جابر.
- ليذهبوا للجحيم ، جميعهم عواهر، انت نقية ، مدهشة ، طفلة شقية ، ثائرة بعنفوان يثير عجوز مثلي ، عودي لي مجددا جنيتي المطيعة ، لكم ندمت تلك المرة ، هل تتذكرين ؟ ذاك العجوز ضخم البنية الذي كان بصحبتي ، عندما التقينا في العاصمة ( ترنو له بدلال ، مؤكدة انها تتذكر جيدا ، عجرفته في ذاك اليوم ) ، أخبرني كم سأكون معتوه بائس اذا لم اتزوجك ، ااااه ... كم رغبت في الزواج منك، رهنك ، لكنك تهربيين دائما ، مغرورة ، انيقة ، ذكية ، تعيشين تجاربك ، وتتجاهلين وجودي بفجور قطة متباهية ، داعبيني ونامي على صدري ، انا حلقة الوصل بينك وبين العالم .
عنادك يزلزل عوالمي ، ضعي يدك على – جيمي – داعبيه ، كما كنت تفعلين قبل الاربع سنوات الماضية .
-جابر، مللتك ، لم اعد استمتع بالتظاهر ، كفرت بالتظاهر ولا أرغبك .
-مللتني ! طفلة كاذبة ، عاهرة ، هذه طبيعتك ، اخضعي لطبيعتك ، وكفاك تعنتاً، وعنفواناً ، ( يداعب شعرها بعنف ) كم أرغب اخضاع عنفوانك هذا ، لا تجزعي ، لن اكسرك ، بل سأقوم اعوجاجك ، اعطيني لسانك اتلذذ بطعمه السليط في فمي .
تفك نفسها من حضنه ، تتأمل عينيه بجمود مغري ، تشعر بعينيه تهابها .
-اخضعي ، اخبرتك ان تخضعي ، وتكفي عن اظهار مخالبك في وجهي ، يا عاهرتي تثيرينني.
-جابر انا عاهرتك الصغيرة ، عاهرتك التي قرفت وملت من تخيلاتك، ومداعبتك السقيمة لذاتك الشيطانية ، ملاك مثلي لا يستطيع اخضاعه شيطان هرم مقزز، لم تخضعني تلك البعبع ، فهل تعتقد انك قادر على اخضاعي ؟
تتساءل مكشره عن ضحكة فاجرة ، يبادرها بهدوء واثق ، متلذذ بعته .
-ارغب اغتصابك يا طفلتي اللعينة ، سأعيد الزمن من جديد ، ولقائنا سيكون في العاصمة مجددا ، هذه المرة لن تهربي ، سأختطفك.
-وفي غمرة الشعور بالاعتزاز ، تنظر له بشفقة، ودون أي احساس بالذنب تعلن:
-أنت شيطاني الهرم ، وانا جنيتك العاهرة ، ولازلت عاجزا عن الالتحام بجسدي ، أستمر جابر، استمر في مداعبة عضوك ، وأستمر في تخيلاتك الليلية الدائمة ، نم بهدوء ، حتي تعلن عن خضوع نجم جديد في كونك الفظ ، تصبح على خير، ( وتطبع قبلة ساخنة على شفتيه الضامرتين ، منذهل ، مكسور ، فقط مسحور ، ليستمر جامدا في اريكته القديمة ).

هناك تعليق واحد:

  1. عشتـــار
    صديقة التدوين العزيزة وصاحبة القليم المبدع
    تعلمين بالطبع كم يسعدني وجودي هنا بين حروف وكلمات وأفكار رائعة أعرف أنها تنزف من عصب قلمك وأعرف أنها تولد من رحم وعقل ومشاعر وجسد كاتبة أنهكتها وأتعبتها الحياة بكل تناقضاتها وشياطينها وأكاذيبها
    دائماً اقف امام كل ابداع لكي هل انت تحملين لغتك بداخلك أم أن اللغة هي التي تحملك الينا عبر عذابات نفس ضائعة تموج بها الأقدار تلقيها في صحراء شاسعة لاأنيس فيها ولا جدار
    مابين الجنية العاهرة والشيطان الهرم انفعالات بالعين وبالأيد وديالوج رائع رأيت من خلاله مشهد حي وقوي يدلل على مظاهر أو التظاهر بالقوى لدى كل منهما ويدلل أيضا على بواطن الضعف لكل منهما
    عشتار.. عاتيتي ونزفتي وتعبتي وجاهدتي وكتبتي.. فأبدعتي.
    تحياتي
    حسن أرابيسك

    ردحذف